فصل: مناسبة الآية لما قبلها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والثاني: أن {مِنْ} لِبَيَان الجنس، و{الولدان}: قيل: جَمْع وليد؛ وهم المُسْلِمُون الَّذِين بَقُوا بمكَّة لصدِّ المُشْرِكين، أو ضعفهم عن الهَجْرَة مستنزلين ممتنعين.
انتهى بيضاوي.
فيكون المُرَاد بهم: العَبيد والإماءُ؛ لأن العَبْدَ والأمَةَ يقال لَهُما: الوَلِيدُ والوليدَةُ، وجمعهما: الوِلْدَان والوَلائِد، إلا أنَّه هاهنا غلَّب الذكور، ويكون المُرادُ بالرِّجَال والنِّسَاء: الأحْرار، والحَرَائِر.
وقيل: جَمْع وَلَد؛ كَوَرَل ووِرْلان وحَربٌ وحَرْبَان والمُرَاد بهم: الصِّبْيَان، وقيل: العبيد والأمَاء، يقال للعبد: وَليدٌ، وللامة: وليدَةٌ، فغلَّب المُذكَّر على المُؤنَّث؛ اندراجه فيه.
و{الذين يقولون}: فيه وَجْهَان:
أحدهما: أن يكُونَ مجرورًا على انَّه صفةٌ: إمَّا للمستَضعفِين، وإمَّا للرَّجَال ومن بعدهم، وغلَّب المُذَكَّرَ على المؤنَّثِ.
وقال أبو البَقَاء: {الذين يقولون}: في مَوْضِع جَرِّ صفة لِمَنْ عَقِل من المذكورين كأنه تَوَهَّم أنَّ الولدَان الصبيانُ، والصبيانُ لا يعقلُون؛ فَجَعَله نعتًا لِمَنْ عقل من المذْكُورين وهُم الرِّجَال والنِّسَاء دونَ الولدان، لأنَّ جَمْعَ السَّلامَة في المُذَكَّر يُشْترط فيه العَقْلُ، و{الذين} جَارٍ مُجْرَاه.
قال شهاب الدين: وهذه غَفْلةً؛ لأنَّ مرادَ النَّحْويين بالعَاقِلِ: ما كان من جنْس العُقَلاَء وإنْ كان مسلوبَ العَقْلِ؛ ويدُلُّ عليه قوله تعالى: {أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النساء} [النور: 31] فالمُرادُ بالطفل هنا: الصِّبْيَان الصِّغار، ومع ذلك وَصَفهم بالذين.
والثاني: أن يكُونَ منصوبًا على الاخْتِصَاصِ.
قوله: {الظالم أهلها} {الظالم}: صفةُ للقرية، و{أهلها}: مرفوعٌ به على الفاعلية. وأل في {الظالم} موصولةٌ بمعنى التي، أي: التي ظَلَمَ أهْلُهَا. فالظلمُ جَازَ على القَرْيَةِ لفظًا، وهو لِما بَعْدَها معنى، ومثلهُ: «مررْتُ برجلٍ حَسَنٍ غلامُه».
قال الزمخشري: فإن قلت: لِمَ ذكَّر {الظالم} وموصُوفُه مؤنث؟ قلت: هو وصْفٌ للقرْية إلا أنَّه مستَنِدٌ إلى أهْلِهَا، فأعْطِي إعْراب القرية لأنها صفتها، وذُكِرَ لإسناده إلى الأهْل؛ كما تقول: من هذه القرية التي ظلم أهلُها، ولو أنْتَ فقيل: الظَّالمةُ أهْلُها لجَاز، لا لتأنيث الموصُوف؛ بل لأنَّ الأهلَ يُذَكَّرُ ويؤنَّثُ.
فإن قلت: هل يجُوزُ: مِنْ هذه القريةِ الظَّالِمين أهْلُها؟
قلت: نَعَمْ، كما تقُول: التي ظلموا أهلها على لغة: أكلوني البراغيث ومنه: {وَأَسَرُّواْ النجوى الذين ظَلَمُواْ} [الأنبياء: 3] انتهى.
وهذه قاعدةٌ كُلية: أنَّ الصِّفة إذا جَرَتْ على غيرِ مَنْ هِيَ له سواءً كَانَتْ خبرًا، أم نعتًا، أم حالًا يُنْعَتُ ما قَبْلَها في اثنين من خَمْسَة: واحدٍ من ألْقَابِ الإعْراب، وواحدٍ من التَّنْكير والتَّعْرِيف، وأمَّا بالنِّسْبَةِ إللى التَّذْكير، والتَّأنيث، والإفراد، وضدَّيه فَيُحْسَبُ المرفُوعُ بها كالفِعْلِ، وقد تقدَّم تحقيقُه، ويجبُ أيضًا إبرازُ الضَّمير منها مُطْلَقًا- أعني: سواءٌ ألْبس أم لم يُلْبَس- وأمَّا إذا كان المَرْفُوع بها اسْمًا ظَاهِرًا، فلا حاجة إلى رَفعها الضَّمِيرَ، إلا أنه لابد من رَاجِع يرْجع إلى الاسْمِ الموْصُوف بها لَفْظًا كهذه الآية، وه ذا بِخِلافِ الفِعْلِ إذا وُصِف به، أو أُخْبِر به، أو وَقَعَ حالًا لِشَيْء لفظًا وهو لغيره مَعْنىً، فإن الضَّمِيرَ لا يُبْرَزُ منه بل يَسْتَتِرُ، نحو: زيدٌ هِنْدٌ يَضْرِبُها وهند زيدٌ تَضْرِبُه من غيرِ ضميرٍ باروٍ، لقوة الفِعْل وضَعْفِ الاسم في العَمَلِ، وسواءً لم يُلْبِس- كما تقدَّم تَمْثِيله- أو ألْبَسَ، نحو: زيدٌ عَمْرو يضربه إذا قصدْتَ أن زيدًا هو الضَّارِبُ لِعَمْرو، هذا مُقْتَضَى مذهب البصْريِّين، نصَّ عليه مَكي وغيره، إلا أنَّه قال قبل ذَلِكَ: إلا أنَّ اسْمَ الفَاعِل إذا كان خَبَرًا أو صِفَةً لغيره مَنْ هو له، لم يَسْتَتِرْ فيه ضَمِيرٌ، ولابد من إظْهَارِهِ، وكذلك إنْ عُطِف على غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ.
قال شهاب الدين: هذه الزِّيادةُ لمْ يذكُرْها النَّحْويُّون وتمثيلُها عَسِرٌ، وأمَّا ابنُ مالِكٍ: فإنه سَوَّى بين الفِعْل والوَصْف، يعني: إن ألْبس، وجَب الإبْرازُ حتى في الفِعْل، نحو: زيدٌ عَمْرٌو يَضْرِبُه هو وإن لم يُلْبس جَاز، نحو: زَيْد هِنْدٌ يضْرِبُها وهذا مقتضى مذهَبِ الكوفيين؛ فإنهم عَلَّلوا باللبس، وفي الجُمْلَة ففي المَسْألة خِلافٌ. اهـ. بتصرف يسير.

.التفسير الإشاري:

قال الألوسي:
ومن باب الإشارة في الآيات: {إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأمانات إِلَى أَهْلِهَا} أمر للعارفين أن يظهروا ما كوشفوا به من الأسرار الإلهية لأمثالهم ويكتموا ذلك عن الجاهلين، أو أن يؤدوا حق كل ذي حق إليه فيعطوا الاستعداد حقه وألقوا حقها وآخر الآمانات أداء أمانة الوجود فليؤده العبد إلى سيده سبحانه وليفن فيه عز وجل: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ الناس} بالإرشاد ولا يكون إلا بعد الفناء والرجوع إلى البقاء {أَن تَحْكُمُواْ بالعدل} [النساء: 58] وهو الإفاضة حسب الاستعداد {بَصِيرًا يا أيها الذين ءامَنُواْ أَطِيعُواْ الله} بتطهير كعبة تجليه وهو القلب عن أصنام السوى {وَأَطِيعُواْ الرسول} بالمجاهدة وإتعاب البدن بأداء رسوم العبادة التي شرعها لكم {وَأُوْلِى الأمر مِنْكُمْ} وهم المشايخ المرشدون بامتثال أمرهم فيما يرونه صلاحًا لكم وتهذيبًا لأخلاقكم.
وربما يقال: إنه سبحانه جعل الطاعة على ثلاث مراتب، وهي في الأصل ترجع إلى واحدة: فمن كان أهلًا لبساط القربة وفهم خطاب الحق بلا واسطة كالقائل أخذتم علمكم ميتًا عن ميت، ونحن أخدناه من الحي الذي لا يموت، فليطلع الله تعالى بمراده وليتمثل ما فهمه منه، ومن لم يبلغ هذه الدرجة فليرجع إلى بيان الواسطة العظمى وهو الرسول صلى الله عليه وسلم إن فهم بيانه، أو استطاع الأخذ منه كبعض أهل الله تعالى، وليطعه فيما أمر ونهى، ومن لم يبلغ إلى هذه الدرجة فليرجع إلى بيان أكابر علماء الأمة وليتقيد بمذهب من المذاهب وليقف عنده في الأوامر والنواهي {فَإِن تَنَازَعْتُمْ في شَىْء} أنتم والمشايخ، وذلك في مبادي السلوك حيث النفس قوية {فَرُدُّوهُ إِلَى الله} تعالى: {والرسول} [النساء: 59] فارجعوا إلى الكتاب والسنة فإن فيهما ما يزيل النزاع عبارة أو إشارة، أو إذا وقع عليكم حكم من أحكام الغيب المتشابهة، وظهر في أسراركم معارضات الامتحان فارجعوا إلى خطاب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فإن فيه بحار علوم الحقائق، فكل خاطر لا يوافق خطاب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو مردود {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءامَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ} من علم التوحيد {وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} من علم المبدأ والمعاد {يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطاغوت} وهو النفس الأمارة الحاكمة بما تؤدي إليه أفكارها الغير المستندة إلى الكتاب والسنة {وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ} ويخالفوه إن النفس لأمارة بالسوء إلا من رحم ربي {وَيُرِيدُ الشيطان} وهو الطاغوت {أَن يُضِلَّهُمْ ضلالا بَعِيدًا} [النساء: 60] وهو الانحراف عن الحق {فَكَيْفَ إِذَا أصابتهم مُّصِيبَةٌ} وهي مصيبة التحير وفقد الطريق الموصل {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من تقديم أفكارهم الفاسدة وعدم رجوعهم إليك {ثُمَّ جَاءوكَ يَحْلِفُونَ بالله إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا} بأنفسنا لتمرنها على التفكر حتى يكون لها ملكة استنباط الأسرار والدقائق من عباراتك وإشاراتك {وَتَوْفِيقًا} [النساء: 62] أي جمعًا بين العقل والنقل أو بين الخصمين بما يقرب من عقولهم ولم نرد مخالفتك {أُولَئِكَ الذين يَعْلَمُ الله مَا في قُلُوبِهِمْ} من رين الشكوك فيجازيهم على ذلك يوم القيامة {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} ولا تقبل عذرهم {وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ في أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا} [النساء: 63] مؤثرًا ليرتدعوا أو كلمهم على مقادير عقولهم ومتحمل طاقتهم {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} باشتغالهم بحظوظها {جَاءوكَ فاستغفروا الله} طلبوا منه ستر صفات نفوسهم التي هي مصادر تلك الأفعال {واستغفر لَهُمُ الرسول} بإمداده إياهم بأنوار صفاته {لَوَجَدُواْ الله تَوَّابًا رَّحِيمًا} [النساء: 64] مطهرًا لنفوسهم مفيضًا عليها الكمال اللائق بها.
وقال ابن عطاء في هذه الآية: أي لو جعلوك الوسيلة لدي لوصلوا إليَّ {فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حتى يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ في أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء: 65] قال بعضهم: أظهر الله تعالى في هذه الآية على حبيبه خلعة من خلع الربوبية فجعل الرضا بحكمه ساء أم ستر سببًا لإيمان المؤمنين كما جعل الرضا بقضائه سببًا لإيقان الموقنين فأسقط عنهم اسم الواسطة لأنه صلى الله عليه وسلم متصف بأوصاف الحق متخلق بأخلاقه، ألا ترى كيف قال حسان:
وشق له من اسمه ليجله ** فذو العرش محمود وهذا محمد

وقال آخرون: سد سبحانه الطريق إلى نفسه على الكافة إلا بعد الإيمان بحبيبه صلى الله عليه وسلم فمن لم يمش تحت قبابه فليس من الله تعالى في شيء، ثم جعل جل شأنه من شرط الإيمان زوال المعارضة بالكلية فلابد للمؤمن من تلقي المهالك بقلب راض ووجه ضاحك {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقتلوا أَنفُسَكُمْ} بسيف المجاهدة لتحيى حياة طيبة {أَوِ اخرجوا مِن دياركم} وهي الملاذ التي ركنتم إليها وخيمتم فيها وعكفتم عليها، أو لو فرضنا عليهم أن اقمعوا الهوى أو اخرجوا من مقاماتكم التي حجبتم بها عن التوحيد الصرف كالصبر والتوكل مثلًا {مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مّنْهُمْ} وهم أهل التوفيق والهمم العالية، وأيد الاحتمال الثاني بما حكي عن بعض العارفين أنه سئل إبراهيم بن أدهم عن حاله فقال إبراهيم: أدور في الصحاري وأطوف في البراري حيث لا ماء ولا شجر ولا روض ولا مطر فهل يصح حالي في التوكل فقال له: إذا أفنيت عمرك في عمران باطنك فأين الفناء في التوحيد {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ} لما فيه من الحياة الطيبة {وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء: 66] بالاستقامة بالدين {وَإِذًا لآتيناهم مّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 67] وهو كشف الجمال {ولهديناهم صراطا مُّسْتَقِيمًا} [النساء: 68] وهو التوحيد {وَمَن يُطِعِ الله والرسول فَأُوْلَئِكَ مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم} بما لا يدخل في حيطة الفكر {مّنَ النبيين} أرباب التشريع الذين ارتفعوا قدرًا فلا يدرك شأواهم {والصديقين} الذين قادهم نورهم إلى الانخلاع عن أنواع الربوب والشكوك فصدقوا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من غير دليل ولا توقف {والشهداء} أهل الحضور {والصالحين} [النساء: 69] أهل الاستقامة في الدين {يَا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ} من أنفسكم فإنها أعدى أعدائكم {فانفروا ثُبَاتٍ} أسلكوا في سبيل الله تعالى جماعات كل فرقة على طريقة شيخ كامل {أَوِ انفروا جَمِيعًا} [النساء: 71] في طريق التوحيد والإسلام واتبعوا أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلقوا بأخلاقه {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطّئَنَّ} أي ليثبطن المجاهدين المرتاضين {فَإِنْ أصابتكم مُّصِيبَةٌ} شدة في السير {قَالَ قَدْ أَنْعَمَ الله عَلَىَّ} [النساء: 72] حيث لم أفعل كما فعلوا {وَلَئِنْ أصابكم فَضْلٌ مِنَ الله} مواهب غيبية وعلوم لدنية ومراتب سنية وقبول عند الخواص والعوام {لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} أي حسدًا لكم {مَوَدَّةٌ ياليتنى كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ} دونهم {فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: 73] وأنال ذلك وحدي {وَمَن يقاتل} نفسه {فِى سَبِيلِ الله فَيُقْتَلْ} بسيف الصدق {أَو يَغْلِبْ} عليها بالظفر لتسلم على يده {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 74] وهو الوصول إلينا {وَمَا لَكُمْ لاَ تقاتلون في سَبِيلِ الله والمستضعفين} خلاص {المستضعفين مِنَ الرجال} العقول {والنساء} الأرواح {والولدان} القوى الروحانية {الذين يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هذه القرية} وهي قرية البدن {الظالم أَهْلُهَا} وهي النفس الأمارة {واجعل لَّنَا مِن لَّدُنْكَ وَلِيًّا} يلي أمورنا ويرشدنا {واجعل لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75] ينصرنا على من ظلمنا وهو الفيض الأقدس، نسأل الله تعالى ذلك بمنه وكرمه. اهـ.

.تفسير الآية رقم (76):

قوله تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما أخبر عن افتقارهم إلى الأنصار وتظلمهم من الكفار، استأنف الإخبار عن الفريقين فقال مؤكدًا للترغيب في الجهاد: {الذين آمنوا} أي صدقوا في دعواهم الإيمان {يقاتلون} أي تصديقًا لدعواهم من غير فترة أصلًا {في سبيل الله} أي الذي له الإحاطة بجميع صفات الكمال قاصدين وجهه بحماية الذمار وغيره، وأما من لم يصدق دعواه بهذا فما آمن {والذين كفروا يقاتلون} أي كذلك {في سبيل الطاغوت} فلا ولي لهم ولا ناصر.
ولما كان الطاغوت الشيطان أو من زينه الشيطان، وكان كل من عصى الله منه وممن أغواه حقيرًا؛ سبب عن ذلك قوله: {فقاتلوا أولياء الشيطان} ثم علل الجرأة عليهم بقوله: {إن كيد الشيطان} أي الذي هو رأس العصاة {كان} جبلة وطبعًا {ضعيفًا}. اهـ.